• ناتالي الكك شرفان
  • ناتالي الكك شرفان
  • ناتالي الكك شرفان
  • ناتالي الكك شرفان
  • ناتالي الكك شرفان

عاصفة الحزم

يسود إنطباع شائع وخاطئ بأن سائق الدراجة النارية شخص لا يهمه شئ ولا يتحمل مسؤولية ولا يلتزم بأية قوانين. ليس من الصعب تكذيب هذا الإنطباع بل وليس من الصعب أبداً رؤية نقيضه وهو ما تجسده إمرأة لبنانية فخورة بكونها أم قديرة وموظفة جادة وسائقة متألقة على متن دراجة نارية تخلب الألباب وتخطف الأبصار.

أثار إنتباهي في ناتالي الكك شرفان إنضباطها الشديد سواء على الطريق أثناء القيادة أو حتى في التعامل مع الناس وفي دقة مواعيدها فهي إمرأة منظمة للغاية ولا تعرف المزاح فيما يتعلق بترتيب أولوياتها.

أخبرتني بلهجتها الجادة كيف عشقت الدراجات النارية منذ كانت في العاشرة من العمر وعلى الرغم من رفض والديها للفكرة إستطاعت بعد جهد كبير أن تقنع والدها بأن يشتري لها دراجة فيسبا وفي في الرابعة عشر من عمرها. لكن فرحتها لم تتم، فقبل أيام من شرائها للدراجة سقطت عن دراجة صديق لها وكسرت يدها مما أصاب والديها بهلع شديد. غير أن الحلم لم ينته عند هذه الحادثة وبعد سنوات طويلة قررت ناتالي أن تخوض التجربة مجدداً فبدأت بدراجة صغيرة وسرعان ما إنتقلت إلى عالم الدراجات السريعة مع إقتنائها دراجة أم في أغوستا ذات الألوان الصارخة والطابع الصارم.

لم أستطع أن أمنع نفسي من الضحك وأنا أستمع لناتالي وهي تصف هيامها بدراجتها، فالشبه بين السائقة والدراجة لا يمكن تجاهله سواء لناحية الأناقة أو الثقة بالنفس أو الرغبة بالتألق أو السرعة بالإنطلاق نحو الهدف.
بالنسبة لناتالي فدراجتها ليست وسيلة نقل بل هي وسيلة للوصول للحرية المطلقة والنقية، فهي ما أن تمتطي دراجاتها وتنطلق مع الريح حتى تشعر بأنها طائر يحلق في سماء الحرية بعيداً عن الضوضاء وبعيداً عن الرتابة. إنه شعور سام لا تستطيع أن تشبهه أو تستبدله بأي شعور آخر.

وعلى الرغم من أن المجتمع اللبناني لا يزال في حيرة من أمره في نظرته للمرأة التي تقود دراجة نارية فإن ناتالي لا تعتبر نفسها معنية بهذا الأمر إذ تقول: "أنا أمرأة وأنا أم وأنا موظفة وأنا سائقة دراجة نارية ولا أرى ما الفارق فأنا أحب وأحترم كل ما أفعله وأنا دقيقة وحازمة وجدية بكل ما أقوم به."

وعند سؤالها عما إذا كانت الدراجة هي سر ثقتها بنفسها سخرت من السؤال وأجابت قائلة: "مجنون من يقوم بقيادة الدراجة النارية ليشعر بالثقة بالنفس...بل العكس صحيح فأنا أقود دراجتي النارية لأني أشعر بالثقة والقدرة على ذلك، ولكن طبعاً بعد أن خضعت للتدريبات اللازمة على يد مدرب مختص وبعد أن تعلمت تقنيات القيادة السليمة والآمنة."

ولعل أكبر دليل على إعتداد هذه المرأة وثقتها بنفسها أنها حين قادت دراجتها النارية على الطرقات المفتوحة لأول مرة إقترفت خطأً أدى لإنزلاقها ووقوعها، لكنها لم تصب بأية رضوض وذلك بفضل إرتدائها لملابس القيادة ودروع الحماية، فما كان منها إلا أن نفضت عن نفسها الغبار وإنطلقت من جديد ولم تتوقف عن الإنطلاق منذ ذلك الحين.


ليست ناتالي من محبذي مقارنة الرجل بالمرأة في عالم الدراجات النارية فهي مؤمنة بأن المرأة قادرة على فعل ما تشاء وبأسلوبها الجميل والخاص. كما أنها تعتقد بأن المرأة اللبنانية قد بدأت فعلاً بقيادة الدراجات النارية وذلك لإيمانها بأنها قادرة على ذلك ولأنها مقتنعة بأن الدراجة النارية هي وسيلة نقل فعالة جداً كما أنا جزء من أسلوب حياة عصري ومثير.

لكنها مع ذلك تنصح كل فتاة راغبة بقيادة الدارجات النارية في لبنان بأن تبدأ بتعلم قيادة دراجات الموتوركروس على مضمار ترابي مغلق حتى تتعلم السيطرة على الدراجة بشكل كامل وتتقن التقنيات اللازمة للقيادة السليمة.
ومع أنها من المؤمنين بأن قيادة الدراجة النارية تتطلب درجة معينة من النضوج سواء عند الرجال أو النساء على حد سواء، إلا أنها لا تنكر بأن قيادة الدراجة النارية قد تغني شخصية السائقة إذ تشجعها على بعد النظر وقراءة الناس بشكل أفضل وسعة الحيلة، كما أن الدراجة تشجع المرأة على التمتع بتحمل مسؤولية خصوصاً لناحية إحترام القوانين والإلتزام بقواعد السلامة العامة.

أما بالنسبة للغد فناتالي تعتقد بأن الغد قد بدأ اليوم وبأن عصر المرأة اللبنانية في عالم الدراجات النارية قد بدأ بالفعل لكنها تتمنى أن يتم تشجيع الفتيات اللبنانيات الراغبات في خوض غمار رياضة سباق الدراجات النارية حيث تستطيع المرأة اللبنانية أن تحقق إنجازات كبيرة لترفع علم بلادها بكل فخر في كل مكان.

 

شاركنا رأيك